إعداد : كمال غزال |
لدى معظمنا فكرة عن وجود أماكن تبعث فينا الشعور بالقشعريرة والإحساس بالرهبة، حيث يكون الإنخفاض المفاجئ في الحرارة إحدى الأمور المادية الملاحظة فيها هذا إن تسنى لنا عيش تجربة فيها (إقرأ عن علامات المكان المسكون) ، نتحدث هنا عن الأماكن التي توصف بأنها "مسكونة بالأرواح" حيث تختلف طبيعة ساكنيها من غير البشر الأحياء تبعاً لإختلاف الثقافات والمعتقدات سواء أكانت أرواح موتى أو أشباحاً أو قرناء من الجن، ولكن في النهاية هي أرواح وما الشبح إلا تجسد مادي أو مرئي لتلك الأرواح على الأقل من الناحية اللغوية إن لم نصدق بوجود الأشباح.
وبهذا الخصوص يتبادر إلى ذهننا السؤال التالي : كيف تحولت تلك الأماكن العادية إلى أماكن توصف على أنها "مسكونة " ؟ ، يلقي هذا المقال الضوء على فرضيات تهدف إلى تفسير رغبة الأرواح في المكوث في أماكن دون الأخرى بحسب الفكرة السائدة في الغرب عن الأشباح حيث تعتبر تجسيداً لأرواح المتوفين من البشر.
يزعم وجود أماكن شهيرة حول العالم يقيم فيها "نزلاء "معروفين رويت عنهم قصص كثيرة تتناول أرواحهم الهائمة في أماكن محددة مثل قصة شخص جرى تعذيبه حتى الموت أو شخص خانه صديقه أو أحد الأعزاء على قلبه وغدر به فلاقى حتفه ، ويلاحظ أن هناك ميل طبيعي في هذه الأماكن لإظهار الأشباح والأمر ببساطة عائد إلى حالتها وما وقع فيها من أحداث مروعة مما قد يعني أن السجون والفنادق بما فيها المقابر بالطبع هي من الأماكن المفضلة لظهور الذين فارقوا الحياة ولم يتمكنوا من الرحيل تمامأً عن هذه الدنيا ومع ذلك يوجد عدد من الأماكن المعروفة بأنها مسكونة ولا يتضمن تاريخها أية قصة وقد تكون منزلاً عادياً.
من أين قدمت تلك الأرواح ؟ والسؤال الأهم : كيف تمكنوا من جعل تلك الأماكن مركزاً لعملياتهم ولمشاركة الأحياء القاطنين فيها ؟
التميز والتنوع
كل شخص بذاته يملك شخصية فريدة وخبرة وعدد لا يحصى من العوامل الأخرى، لذلك فإن بصمة الإنسان المتوفي (سواء كان شبحاً أو روحاً ، أو حتى قرينه) تحافظ على تلك العوامل الخاصة إن لم تسنح لهم الفرصة في الإنتقال إلى عالم ما بعد الموت (البرزخ) ، تجعل تلك الخصائص الفريدة كل شبح أو مكان "مسكون" مختلفاً عن الآخر. وتساهم العديد من العوامل المتنوعة في تفسير كيفية تحول ذلك المكان إلى "مسكون" نظراً لقدرة البشر الطبيعية على التنوع على مستويات عديدة لا حصر لها . كما لا يمكن أن نتوقع وجود الأسباب نفسها في أي مكاتنين مختلفين من "الأماكن المسكونة" لأنها ببساطة مسكونة من أرواح مختلفة وبالتالي هم أناس مختلفون لديهم قصصهم التي ينوون إخبارها للأحياء .
العوامل المشتركة
على الرغم من عدم وجود قاعدة محددة بدقة إزاء المنازل المسكونة إلا أنه يوجد بعض السمات والملامح التي تظهر على أغلبيتها إذ يعتبر تاريخ البناء أو المنطقة عاملاً أساسياً على الدوام . فالمكان القديم جداً والذي يملك تاريخأً طويلاً من استخدام الإنسان له والمكوث فيه يبدو أكثر إحتمالاً ليكون " مسكوناً " إذا ما قورن مع مكان جديد، أي أن الفرص تزداد بشكل كبير (دراماتيكي) حيث يكون عدد الأمور السيئة التي تحدث فيه أكثر عدداً من مكان عاش فيه شخص مفرد وواجه أمراً سلبياً جداً.
تساهم الأحداث والظروف السيئة دائماً في زيادة إحتمال تحول المكان إلى مكان "مسكون" لأن الأرواح التي لم تتأثر بأحداث القدر السيء لن يكون لديها مشكلة في العبور إلى العالم الآخر أو الجانب الآخر، وقد تؤجل الأرواح ذلك الإنتقال فتبقى لبعض الوقت ترافق أولئك الذين كانوا محوراً لتلك الأحداث السيئة أو ريثما تنال شكل من العدالة أو جزاء يريحها أو يرضيها (إقرأ عن أصوات غامضة تكشف عن قاتلي الضحايا) أو إلى حين يعرف أحد الاحياء بقصص أحزانهم الشخصية أو بموتهم المفجع والمروع أو بالوحشية وسوء المعاملة التي تعرضوا لها فيبقون معلقين في العالم الأرضي ، إقرأ عن أهوال التعذيب في منزل لالاوري.
كذلك من الممكن أن تفضي حالات الحزن الشديد أوالشعور بالخيانة من قبل أعزائهم وموضع ثقتهم أو حتى المرض المزمن والشديد إلى وضع مأساوي سلبي يجعل من الشبح معلقاً وغير قادراً على الإنتقال حتى بعد موت الجسد الفاني. كافة تلك الخصائص تتسرب إلى المكان وفي جدارن المبنى وفي تربة الأرض نفسها حيث تترك أثراً من " طاقة شبحية " أو علامات.
وعلى وجه الخصوص يمكن للدماء الفعلية التي سفكت في ساحات المعارك أن تتسرب إلى التربة وتخلق نوعأً من الوجود الروحاني تتمكن فيها تلك الكائنات الروحانية المضطربة من أن تتجسد أو تهيم على نفس البقعة من الأرض أو حتى في الأبنية والمنازل التي بنيت لاحقاً على الأراضي التاريخية المتشربة بالدماء التي سالت في تلك المعارك. (إقرأ عن شبح المعسكر ، أشباح مقاتلي غيتسبرغ) ، يعتبر الحزن والمعاناة الإنسانية عموماً من العوامل الرئيسة التي تتدخل في جعل المكان مسكوناً وهي لا تشبه حتماً تلك القصص التي تتحدث عن أشباح تهيم في الساحات أوحدائق الترفيه مثل عالم ديزني ، فهذا يندر وجوده أصلاً لأنها أمثلة عن أماكن بعيدة كل البعد عن أجواء الألم فهي مملوءة بالسعادة وأاسيس البهجة والسرور، من المعروف عن الاشباح أنها تسكن في الأماكن التي تركت فيها أشد أحزانها وهمومها الشخصية ولكنها قد تقيم أحياناً في أماكن عاشت فيها آلاماً ومعاناة طويلة كجزء من حياتها. وتميل الأشباح بشكل أساسي إلى البقاء في أماكن تعتبرها ملكها أومناطق كانت لها صلة قوية بها أو محببة على نفسها في حياتها الماضية.
الرغبة في البقاء
يرى العديد من "صائدي الأشباح " أن الأرواح تسكن في الأماكن المملوءة بأحاسيس قوية سلبية لكي تخبر الأحياء عن قصتها في ذلك المكان ، وهذا هو سبب ميل المتوفين للسكن في تلك الأماكن لأنها مصدر مأساتهم الشخصية ومعاناتهم ولأنهم يرغبون بأن يعلم الآخرون عن قصتهم التي وقعت أحداثها في هذا المكان. يعلم الخبراء جيدأً أن الأشباح تفتعل الضجيج والحركات لكي تخبر تلفت إنتباه الأحياء إلى وجودها أو لكي تعبر عن إنزعاجها في وقتها كاشفة عن تبدلات مزاجية قريبة جداً من التبدلات التي يعيشها البشر خلال حياتهم.
يحاول معظم الأشباح جعل أنفسهم معروفين فيظهرون بشكل يعبر عن ما يعرفه الناس عنهم أو كما يرغبون أن يروهم فيه عندما كانوا أحياء ويأملون من خلال هذا الظهور أن يستدعوا ذكريات مفعمة بالحيوية تنقلهم إلى مستوى الواقع الحسي .
سيكون المزيج من ذواتهم الماضية والمكون من ملامح المظهر والأفعال والتصرفات طريقة تساعدهم على إخبار الآخرين عما كانوا عليه ويقود ذلك إلى إجراء تحقيقات عن ماضي حياتهم الشخصية، فالحضور المجرد للروح مؤشر على حياتها الماضية التي لم تكون أبداً حياة عادية أو مألوفة أو حتى مفعمة بالسعادة . تلك الرغبة التي تدفعهم لإخبار الآخرين عن محنهم ومصاعبهم الماضية ومشاكلهم غير المألوفة لا تقتصر على فئة محددة من الناس بل تشمل جميع فئاتهم العمرية ومذاهب طرق عيشهم سواء أكانوا يؤمنون بوجودهم أم لا.
تجنب المنازل
بعض الأمثلة عن أكثر حالات التسكين الشبحي وضوحاً هو أن أغلبية الناس يستطيعون بسهولة استرجاع ما حدث في ذلك المنزل المسكون بناء على رغبتهم ، على أية حال هناك جملة من الأسباب تشرح لماذا تكون قصص المنازل المسكونة أقوى تأثيراً من أي قصص في أماكن أخرى رغم أن الدراسات الإحصائية تضع المنازل أسفل قائمة الأماكن المسكونة من حيث عدد الإبلاغات بالمقارنة مع الأماكن الأخرى .
منازلنا هي قلوبنا ، إنها الملاذ الآمن وملجأنا الشخصي وذلك يعني أن وجود طاقة أو كائن روحاني مزعج يغزو خصوصيتنا سيجعلنا مذعورين جدأً إضافة إلى ذلك الخوف الذي يتمثل بمعرفة أن أحد ما يعيش في منزل مسكون فهذا كاف لجعلنا نتذكر أحداثاً عن المنازل المسكونة.
لكن الأرقام تخبرنا بأن الأشباح تميل إلى تجنب المنازل وتفضل أماكن أخرى بدلاً عنها، فالأشباح (حسبما يزعم) تحتاج إلى مقدار كبير من الطاقة في المكان لكي تستطيع التجسد مادياً . والمنازل الشخصية لا تملك القدر الكافي لخلق تلك التجسدات لأغلب الأرواح ، بينما الأماكن الواسعة تجذب عدد أكبر من الناس (فنادق ، مقابر، متاحف، كنائس، سفن، أو حتى ملاهي أو نوادي ليلية) فتمد الأرواح بمزيد من الطاقة الشعورية في الفراغ وتستخدمها الأشباح لتصبح خيارها المفضل .
المصدر
- Paranormal Haze
إقرأ أيضاً ...
- فندق بريطاني يضج برؤية الأشباح
- مسارح مسكونة
- منارات قديمة ومسكونة
- تجارب واقعية: بيت جدي المسكون
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .