وكان الهدف مركز أبحاث سري يقع في منطقة نائية من جمهورية كازاخستان في الإتحاد السوفييتي سابقاً حيث لم يكن أفراد وكالة الاستخبارات المركزية يملكون من المعلومات إلا النذر اليسير عن المركز السوفييتي المعروف بـ " المبنى رقم 3 من هيئة البحوث والتطويرات السرية " أو إختصاراً بـ URDF-3.
وكان قد جرى تعيين هذا "الناظر" كضابط في وكالة الاستخبارات المركزية لمهمة غيرمألوفة ولما اطلع على أحدث صور استطلاع للموقع المذكور URDF-3 تعجب بما قاله من " بعض الأوصاف المذهلة " ، إذ كان هناك بالفعل رافعة ذات حجم إستثنائي في الموقع كان قد رسمها الناظر عن بعد بدرجة كبيرة من التفصيل.
أوان عصر" الجواسيس الذهنيين "
كان الروس خلال الحرب الباردة يختبرون عدة تقنيات ذهنية شملت عدداً من الموهوبين الذين وجدوا عليهم كما يبدو قدرات غيرعادية كـ التخاطر و تحريك الأشياء عن بعد Psychokinesis وحققوا بعض النجاحات مع التخاطر و بدأوا الأبحاث في الأصل على أساس إيجاد طريقة في التواصل مع أسطول غواصاتهم ، خاصة أن عملية إتصال ثنائي الاتجاه من هذا النوع تكون ميزة عظيمة خلال الصدامات مع العدو.
وفي بداية السبعينيات من القرن السابق زارت مؤلفتان كنديتان هما شيلا أوستراندر و لين شرويدر الإتحاد السوفييتي السابق في رحلة كان الغاية منها تقصي حقائق عن استخدام تلك القدرات الذهنية ثم عادتا لتأليف كتاب بعنوان " اكتشافات ذهنية من خلف الستارة الحديدية " الذي تمت مراجعته مؤخراً.
في نهاية المطاف استولت هذه المنشورات على اهتمام خدمات الاستخبارات الأمريكية خصوصاً أنها كانت قلقة بشأن حقيقة " التكنولوجيا الذهنية " التي أنجزها الإتحاد السوفييتي السابق. وكان لقلقهم مبرر وهو مخاوف لها صلة بتحقيق السوفييت السبق في هذا المجال حتى أن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش ناقش ما يقلقه حينما كان رئيس وكالة الاستخبارات المركزية.
في البداية قرروا الإقتراب من الفيزيائي (هال بوثوف) من معهد ستانفورد للأبحاث والذي كان ايضاً ضابط اتصال بحري ثم شعروا أن بإمكانهم مناقشة مخاوفهم بأمان و حرية مع " شخص مميز ".
أخذ (هال بوثوف) تلك المخاوف بعين الاعتبار وقرر أن موضوع " الحاسة السادسة " سوف يصبح مجالاً واعداً أكثر للإكتشاف كما إن هناك بالفعل بعض الأبحاث الجيدة التي تدعم حقيقة وهو أن الحاسة السادسة ظاهرة قابلة للقياس.
وعلى عجل قابل (هال بوثوف) ومساعده (راسيل تارغ) السيد (انغو سوان) الذي كان رساماً مشهوراً وفيزيائياً معروفاً في منطقة سان فرانسيسكو بعد أن ادعى أنه رأى كوكب المشتري عن بعد وأنه كان هناك حلقات حول غلافه الجوي وبعد فترة وجيزة جرى اطلاق (بيونير 10) القمر الصنعي الأمريكي ومع اقترابه من كوكب المشتري التقط صوراً للغلاف الجوي المحيط بالكوكب وكان من الواضح وجود حلقات غازية تحيط به !
أخذ كل من (بوثوف) و (تارغ) رؤية (سوان) على محمل الجد إذ لم يجدا فيها أي عملية تحايل تشبه ما يتفوه به العرافون حول " الرؤى " وبعد أن أخضع العلماء (سوان) لعدة فحوصات وتجارب أتت النتائج واعده للغاية و من ثم أتهم مساعدة من قِبل شخص آخر يزعم النظر عن بعد وهو (بات برايس) مفوض الشرطة السابق. وبعد فترة وجيزة بدأ كلاً من (انغو سوان) و (بات برايس) بقطف ثمار قدرة النظرعن بعد حيث أصبحا مؤهلان لإستخدامها في الكشف عن الأهداف الأجنبية.
أدت النجاحات المبكرة للبرنامج إلى زيادة في الموارد المالية التي أسهمت بها عدة وكالات حكومية منها وكالة الاستخبارات الدفاعية DIA و وكالة الأمن القومي.
وبينما كانوا يطورون ويختبرون البرنامج أكثر فأكثر أدركوا أن القدرة للنظر عن بعد ليست قدرة تشذ عن القدرات الذهنية الإعتيادية فبدأوا إلى إستخدام أتباع آخرين لم يعتقد بأن لهم قدرات نفسانية وذهنية فائقة ومع ذلك استطاعوا أن يأتوا بمعلومات دقيقة إلى حد ما عن الهدف.
أخيراً وفي عام 1981 عمل (انغو سوان) بالاشتراك مع فريق عمل على تطوير طريقة للنظرعن بعد تمكن أي أحد من أن يصبح فعالاًً كالموهوبين بالفطرة ذهنياً وسميت التقنية الجديدة بـ " تحديد المواقع من خلال النظر عن بعد " Coordinate Remote Viewing.
رغم أن الأمر تطلب قدراً مناسب من التدريب والاجتهاد إلا أنه أتى بنجاحات عدة مع تطبيق الطريقة الجديدة حيث اعتبرها (إنغو سوان) إحدى قمم مهنته.
وفي برنامج وثائقي عرضه التلفزيون الوطني في 1995 حمل عنوان " النظر عن بعد : الملفات المجهولة الفعلية" Remote viewing: The Real x-files أدلى رئيس وكالة الاستخبارات المركزية وعدة آخرون آرائهم في الظاهرة بعد أن أزالت الإستخبارات المركزية الأمريكية الحظر عن الموضوع حيث أكدوا نجاح تلك التجارب باعترافات الجنرالات السابقين الذين كان لديهم برنامج تجسس " ذهني " ينبغي أن يُرى حتى يُصدق ، وفي البرنامج لقطات مسجلة يظهر فيها كاتبه وهو يخضع لتدريبات النظر عن بعد RV مع (انغو سوان) الذي يظهر في الصورة إلى اليمين.
ربما سنبدأ باعتبار" النظر عن بعد" كأي قدرة طبيعية يمكن أن يمتلكها أغلب البشر خاصة أنها نالت اعتراف إحدى أقوى الحكومات في العالم بأن لديها أناس يستطيعون تجاوز الوقت والمسافة و إسترجاع معلومات عن العالم تكون محجوبة بالعادة عن حواسنا الخمس العادية.
وتقول (جيسيكا أتس) أستاذه الإحصاء في جامعة كاليفورنيا التي شاركت بتأليف مراجع عن بحوث وكالة الاستخبارات المركزية المدعوم من الحكومة في " النظر عن بعد " عام 1995 :
" من الواضح لي أن الإدراك الخفي (المصطلح العلمي للنظر عن بعد و القدراات ما فوق الحسية الأخرى ) ليس فقط ممكناً و لكن أخضع للتجربة بوضوح " .
هذا الاستنتاج ليس مبنياً على الاعتقاد و الإيمان فحسب وإنما كذلك مستند إلى قياس علمي مقبول وهي كذلك ظاهرة خضعت لعدة أشكال من التحقق في المختبرات و الثقافات" .
شاهد الفيديو
يتحدث إنغو سوان الذي تقاعد عن خدمته في المخابرات المركزية الأميركية في مشروع النظر عن بعد ودوره فيه
ساعد في البحث والمراجعة : كمال غزال
ساعد في الترجمة : معن أبو غزالة
المصدر
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .