إعداد : كمال غزال |
الحلم الجنسي هو أي حلم ينطوي على إنخراط الشخص الحالم بالممارسة الجنسية مع شخص آخر أو رؤية آخرين يمارسون الجنس أو هي الإرادة على ممارسة الحب أو الجنس في الحلم ، حيث تعتبر الأحلام الجنسية من لذات الحياة النادرة نسبياً لكنها لم تنل إلا نصيباً ضئيلاً من الدراسات العلمية الجادة والصارمة .
بالإضافة إلى قلة عدد هذه الدراسات فإنها تكن تجرى إلا على فترات متبادعة وطويلة من الزمن وهذا ما لاحظه كلاً من ( كالفن كاين تشنغ) و (واي فو ) من جامعة (شيو يان) في مدينة هونغ كونغ في رسالة بحث قدماها مؤخراً وتحمل عنوان : " الأحلام الجنسية ، الأحلام المبللة، وإفراغات الإحتلام ".
وعلى الرغم من أن مرحلة من النوم التي تدعى حركة العين السريعة أو إختصاراً REM (تشاهد فيها الاحلام عادة ويتحرك فيها محجري العينين حركة سريعة أثناء عيش تجارب حلمية ) صلة مع حدوث الإنتصاب لدى الذكور وتضخم البظر وبروز أسفل البطن لدى الإناث إلا أن العلماء لم يتتبعوا الخيوط التي ترشدهم إلى تلك الوظائف الكامنة في مرحلة النوم REM.
مع ذلك لم ير سيجموند فرويد (مؤسس ورائد علم النفس) حرجاً أو شعر بخجل من البحث عن تلك الصلات على عكس العلماء الحاليين من أخصائيي النفس والطب الحيوي ، كما لم يكن على دراية بارتباطات جنسية ونفسية واضحة مع مرحلة REM من النوم ، حتى أنه لم يكن على بينة من مرحلة REM نفسها ، ومع ذلك خمن بشكل صحيح واستدل إلى أن الأحلام لها دور تلعبه في الشهوة أو الرغبة الشبقية libidinal، وحينما تتعارض تلك الرغبات مع المعايير الاجتماعية أو الأخلاقية التي تقوم بكبتها أو قمعها تظهر مقنعة بصور و رموز في الحلم . وكثيراً ما يكون تفسير الحلم تعبيراً مختصراً و رمزياً لما قامت به "آلة الحلم" لتعيد إكتشاف رغبات الشهوة الجنسية بالأساس من وجهة نظر (فرويد ) .
رغم إحترام (يو) و (فو) لأعمال (فرويد) إلا أنهما قطعاً شوطاً أبعد فيه من خلال تقديم نموذج عصبي لعملية الحلم تنسجم مع علوم الأعصاب الحديثة حول الإدراك وكان نموذجهم مشابهاً للنموذج الذي اقترحه (مارك سولمز) منذ عدة سنوات.
هذا ويعتقد أن أنظمة متخصصة في الدماغ مسؤولة عن إطلاق الشهوات الجنسية وتدعى أنظمة الدوبامين اللحائية والمتوسطة والطرفية meso-limbic-cortical dopaminergic systems. بينما تعمل قشرة الفص الجبهي من الدماغ على تنظيم وكبح هجوم هذه الشهوات.
وقد لوحظ أنه خلال فترة تنشيط مرحلة REM من النوم يزداد نشاط أنظمة الدوبامين في الوقت نفسه الذي تضعف فيه قدرة قشرة الفص الجبهي على تنظيم الشهوات الجنسية ، وبما أن الشهوات الجنسية لا يمكنها تشغيلها خلال النوم فإن إشباعها يتم عن طريق الهلوسة وهذه الهلوسات تدعى أحلاماً في علم النفس ، وكان (فرويد) قد اقترح أصلاً نموذجاً مشابهاً جداً وأضاف أن حدوث هذه الهلوسات ضروري لإبقاء الشخص في حالة نوم .
كانت دراسة (يو) و (فو) بسيطة في تصميمها حيث قدما فيها استبياناً عن " الأحلام الجنسية " و وزعاه على 58 شاباً من الطلاب الجامعيين ولكن على عكس الدراسات السابقة كان الإستبيان يشمل قائمة واسعة نسبيا من النشاطات الجنسية يمكن أن تشير إلى أنهم حلموا بها.
وشملت القائمة أنشطة مثل تقبيل الشفاه والمداعبات والجماع المهبلي والفموي والشرجي ، وفي النهاية طلب المشرفون من المشاركين في الإستبيان إجابات تشير إلى حصول قذف للسائل المنوي أثناء الحلم سواء أكان هذا القذف جاء رداً على صورة متخيلة في الحلم أو بدونها.
وأظهرت النتائج أن 95 ٪ من المشاركين في الدراسة (جميعهم كانوا من الذكور ) كانوا قد تذكروا بأنهم حلموا بممارسة الجنس مع امرأة ، وكان أكثر أشكال الممارسة شيوعاً هو التفاعل الجنسي القائم على المداعبة والجماع المهبلي. وأفاد معظم المشاركين بأنهم حلموا بالجماع المهبلي مع امرأة لحوالي 9 مرات في السنة، كما أفاد حوالي 80 ٪ من أفراد العينة حصول إحتلام مرة على الأقل في السنة الواحدة.
ومن المثير والملفت للاهتمام أن أغلب النسوة االتي حلم بهن الشباب المشاركون كن من الغرباء عنهم تماماً وكان حوالي ثلثهن من المدرسات وحوالي 10 ٪ من الحالات كن من أمهات الحالمين. وحلم حوالي 12% من المشاركين الغير مثليين بأنهم انخرطوا بممارسات جنسية مثلية متنوعة.
تساؤلات
ما الذي تعنيه تلك النتائج المثيرة للإهتمام ؟ هل تخبرنا أي شيء عن وظائف أو معنى الأحلام؟ هل هي نتائج ضعيفة القيمة ؟ وهل ينبغي لنا أن نندهش بأن للشباب أحلاماً جنسية تنطوي على كائنات خيالية أو نساء يشاهدونهم بشكل يومي ؟
- إن أكثر ما يدعو للدهشة هو المعدل لمنخفض لحدوث تلك الأحلام لدى الشباب إذ لا تتجاوز غالباً 9 مرات في السنة الواحدة ، وقد بينت دراسة أخرى أجراها باحثون في جامعة مونريال الكندية أن متوسط فترة الحلم بأي نشاط جنسي هي حوالي 8% من زمن الحلم وقد تم احتساب هذا الرقم بعد تحليل 3,500 حلم.
هل يمكن أن تعزى هذه النتيجة السلبية ( القلة النسبية لحدوث الأحلام الجنسية ) إلى تأثير الرغبة الاجتماعية ؟ وهل كان المشاركون يعطون الباحثين نتائج مغايرة لحياتهم الحلمية الفعلية ؟
- لا يعتقد ذلك، أتت نتائج (يو) و (فو) متوافقة مع دراسات أخرى شملت عينات لا على التعيين بحيث أتيح لهم الإجابة كما يرغبون وليس لأحد أن يعلم من كانوا بالنسبة لإجاباتهم.
لذلك ما الذي يمكن أن تخبرنا به هذه النتائج عن الأحلام؟
- حينما طرحت أسئلة على الشباب عن الأحلام الجنسية تبين أن معدل حدوثها نادر نسبياً ( 9مرات في السنة) وهناك أيضاً نتائج مماثلة تم الحصول عليها من الشابات ، ويبدو أن موضوع الجنس ليس المحور الأساسي للأحلام .
وبالنظر إلى أن الجنس رغبة مركزية لما له من شأن هام بالنسبة لمعظم الناس ولا سيما الشباب منهم فلا يمكن أن تكون الأحلام إنعكاسات أساسية لرغبات أو علاقات أو شؤون يومية ، فالأحلام لا تتفق مع استمرارية الحياة اليومية ، وبالتالي فإن فرضية استمرارية الأحلام ( فرضية شعبية جداً في الأحلام في هذه الأيام ) يجب أن تكون خاطئة.
ماذا عن مزاعم فرويد بشأن تمويه (تقنيع) الشهوات الجنسية في الأحلام؟
- عثر (يو) و (فو) على بعض الأدلة عن هذه الفكرة في بياناتهم لكن لا يمكن الإعتراف بوجود أدلة كافية لموقف فرويد هذا في أي مجموعة من تفاصيل الأحلام التي رويت ، وبدلاً من ذلك تكون الأحلام الجنسية فقط محاكاة واضحة جداً للتفاعلات الجنسية. أي يبدو أن الأحلام التي لا تنطوي على الجنس تملك ما تيسر لها من سمات ولا تمثل رغبات جنسية مدفونة.
وأخيراً ... على الرغم أنه بوسعنا أن نستنتج أن الأحلام لا تدور عن " الحياة اليومية " فإننا ما زلنا مع الأسف نجهل حقاً عن ما تخبر عنه الاحلام ؟!
هذه السلسلة
يتمحور عدد من التجارب الواقعية رغم ندرتها على إعتقاد أصحابها بقيام كيانات أو أرواح بالممارسة الجنسية المتكررة معهم أو تعرضهم لأشكال من التحرش أو الإغواء كالإحساس بأنفاس ولمسات أو سماع همسات وغيرها ، وقد جرى نشر العديد من هذه التجارب على موقع ما وراء الطبيعة ، وبهدف التوصل على فهم أوسع وتحليل أعمق لها فقد جاءت هذه السلسلة لتكون إضاءة حول مفهوم التجربة الجنسية سواء من الناحية النفسية أو تأثير المعتقدات والأساطير في المجتمعات.
إقرأ أيضاً ...
- الجنس مع المجهول 1 : الممارسة في المعتقد وعلم النفس
- الحلم : لغز النفس البشرية
- الأحلام : أسئلة وإجابات
- الأحلام التنبؤية
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .