إعداد : رامي الثقفي |
ففي عام 1994 وعلى قمة تل لاحظ أحد رعاة الأغنام في هذه المنطقة قطعة من حجر تبرز منها ويكسوها التراب فبدأ الراعي بالحفر حولها إلى أن ظهر له عمود بطول 19 قدم (5.5 متر) ذو حواف محددة ويوجد في وسطه نحت بارز لحيوان غريب ، وبدأت عمليات الحفر وكانت المفاجأة استخراج 19 عموداً حجرياً على شكل الحرف T ومن خلال الفحص الدقيق تبين أنها نحتت باستخدام أدوات متقدمة ودقيقة ولا بد أن يكون من نحتها على درجة عالية من الخبرة.
وقام فريق من علماء الآثار الألمان خلال الـ15 عام الأخيرة بعملية تنقيب في تلك المنطقة والقيام بحساب للعمر التقديري لهذا الاكتشاف وفي خلال عملهم لسنوات طويلة لم يتم الكشف إلا عن 5% إلى 7% من تلك الحضارة الهائلة إلى أن توصل علماء الآثار لتحديد دوائر فوق دوائر مرتبة بحلقة بداخل حلقة من الأبراج الحجرية بينها أعمدة منحوتة يصل طولها إلى 19 قدم ويزن العمود الواحد 15 طن وكل عمود تم نحته من كتلة واحدة ثم جرى تزيينه عن طريق نحت حيوانات أو طيور بشكل بارز ورسومات لمخلوقات وحيوانات غريبة أخرى وحيوانات معروفة من الثعابين والعقارب والأسود والثعالب والخنازير البرية الشرسة وغيرها من الحيوانات، وبعد فحص دقيق من قبل علماء الآثار على هذه الأحجار أكدت التجارب أن (كوبيك تيبي) أقدم من حضارة بلاد الرافدين بـ7000 سنة وهي التي يشار إليها عادة كمهد للحضارة البشرية حيث قالوا بأن هذه الأحجار هي الهندسة المعمارية الأقدم والأضخم التي عرفها كوكب الأرض !
وقال عالم الآثار (غراهام هانكوك) : " إن هذه المنطقة التي تضم كتل ضخمة من الحجارة (مغليث) تعد لغزاً غامضاً وننتظر الإجابة عن كيفية بناءها وتتطلب تعمقاً أكثر في فهم خلفيتها التاريخية والتي لا نعرف عنها أو من صنعها أي شيء ، فقد بزغت تلك المعجزة من ظلمات العصر الجليدي الذي لا نعرف عنه الكثير وهي تشكلت بشكل كامل في تلك الحقبة من الزمن ... وفي رأيي أن ذلك دليل على حلقة كبيرة مفقودة من تاريخ الجنس البشري ، والسؤال هو : هل من الممكن أن يغير مثل ذلك الاكتشاف من فهمنا لتاريخ البشرية أو يثبت أن أكثر الأساطير المحيرة يمكن أن تبنى على حقائق أو يضع الأمور في نطاقها الصحيح ؟ ".
الشيء المدهش هو أن تاريخها يعود إلى 10 آلاف سنة قبل الميلاد، و7 آلاف سنة قبل حجارة (ستونهنغ) والهرم الأكبر وبحسب العلم المنهجي التقليدي يقول العلماء أن البشر في ذلك الوقت لم يكتشفوا ويستخدموا الأدوات المعدنية ولا حتى الفخار فكيف بهم يقومون ببناء صرح كهذا وبتلك الطريقة الهندسية المذهلة ؟! ، أي نحن أمام شيء يتناقض معه فهمنا واستيعابنا لتطور الحضارة البشرية في العالم .
ويثير هذا الاكتشاف مزيداً من الأسئلة لعلماء الآثار وما قبل التاريخ أكثر مما يوفر أجوبة عنها فنحن لا نعلم ولا هم يعلمون كيف يمكن للبشر في هذا الزمن السحيق أن تبني مثل تلك الأحجار بتلك الأوزان وبتلك الطريقة الهندسية المذهلة ووضع الحلقة داخل الحلقة من الأحجار الضخمة ومن أين استمدوا معرفتهم تلك ؟!
وخلال 15 عاماً من البحث والتنقيب لم ينجح علماء الآثار في الكشف عن أداة واحدة أستخدمت في نحت هذا الموقع أو اكتشاف أي أثر لأدوات زراعية .
وربما كان السؤال الأكثر إلحاحاً هو من بنى (كوبيك تيبي) ؟ وما الهدف من وراء بناءها ؟ وكيف لموقع كهذا أن يبقى على تلك الحالة الجيدة لأكثر من 10000 عام لأن السبب في دفنها لا يزال غير مبرر ويبقى غامضاً ومن الصعب استنتاجه ويقول علماء الآثار أنهم يرون أن الإجابة على ذلك : " إذا نظرت إلى ذلك المكان نجد أنه وضع بعناية بالغة تحت الرمال كما لو كان مدفوناً " ، ولكن لا توجد إجابة حقيقية عن سبب دفن هذا الأثر فهل تم دفنه لأخفاؤه عن أعين الغزاة أو للحفاظ عليه على أمل أن يعود مرة أخرى ؟
و يزيد الأمور تعقيداً الكثير من الأسرار على هذا الأثر ، فعلماء الآثار يقولون أنهم لم يجدوا الدليل على إمكانية وجود المنازل القريبة منها ولا حتى مصادر للمياه، أو أي علامة على وجود بلدة أو قرية مجاورة لدعم مئات العمال المفترضين الذين بنوا حلقات من الأبراج في هذا الموقع .
كل ما يمكن قوله حتى الآن أنها حجارة صنعت بواسطة أدوات متقدمة جداً وأصبحت حقيقة واحدة فقط ، أن هذا الاكتشاف هو الأكثر إدهاشاً في العصر الحديث وقد دعمت نتائج الاختبار على هذه الأحجار أن تاريخها يعود إلى أكثر من 12000 سنة مضت وهذا من شأنه أن يحدث تغييراً جذرياً فيما يتعلق بتاريخ البشرية فهذه الأعمدة تقدم أدلة تثبت أن الإنسان القديم كانت على مستوى عالي من التطور والتقدم المذهل .
وعلى بعد يقل عن 570 كيلومتر من (سانلورفا) يقع المكان الذي يعتقد بعض العلماء بأن يكون موقع سفينة نوح على جبل (أرارات) حسب المعتقد التوراتي، واقترح بعض العلماء أن (كوبيك تيبي) هو المكان الذي استراحت فيه سفينة نوح وأن المنحوتات البارزة للحيوانات تمثل هيمنة تلك الحيوانات على المنطقة كون هذا المكان يعتبر الموقع الأصلي لهم ولكن هل يعد ذلك دليل على أن هذا المكان كان له علاقة بـ العلم يفسر كيفية حدوث طوفان نوح
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .