يمكن القول أن هناك ظواهر روحية أو نفسية حسب رغبة القارئ أن يرتئيها، تبدو لنا بوجهين، بحيث يصعب تقييمها وتصنيفها لإعداد العلاج الناجع لها. فإذا ما عُرضت على طبيب نفسي قال أنها من اختصاصه، وكذلك يرى المعالج الروحي أنها من اختصاصه أيضاً. ويفضل في هذه الحالة أن يكون المريض وحده صاحب الحق والاختيار في العلاج عند الطبيب النفسي أو المعالج الروحي. ومع ذلك فإنني أرشح المعالج الروحي لمثل هذه الحالات حتى ولو كانت الحالة ذات منشأ نفسي. وكمثال على مثل هذه الحالات أذكر النموذج التالي:
حالة " سيدة الأفاعي "
اشتكت لي إحداهن بأنها ترى في حالة اليقظة مجموعة من الأفاعي تحاصرها من خلال نوافذ بيتها، بحيث أنها ما أن تلتفت إلى النافذة لسبب أو لآخر حتى ترى أكثر من أفعى حقيقية متعلقة بالنافذة من الخارج، ثم باتت تراها على الأبواب بشكل مرعب يدفعها إلى الصراخ، وعندما يأتي أحد ما على صوتها يختفي كل شيء، لدرجة بات الجميع يتهمها بالجنون لكونها تتخيل أشياء لا وجود لها. وبعدما قمت باستدراجها بطريقة التحليل النفسي تشكلت لدي قناعة تامة بأنها تعاني من ضغوط نفسية لا حصر لها، إضافة إلى عذاب الضمير الذي بات يرافقها ليلاً نهاراً نتيجة للأعمال المشينة التي مارستها خلال سنين حياتها بحق البيت والأسرة والمجتمع. لكن إفصاحي لها بهذه النتائج لم يكن في مصلحتها، إذ أنها كانت واثقة تمام الثقة أن الشياطين يطاردونها لأنها فعلت كذا وكذا...أي أنهم كانوا يوضحون لها أسباب رغبتهم بالانتقام منها وأنهم لن يتركوها حتى يشفوا غليلهم.
- وكما ذكرنا سابقاً في حالة شيلتون أن على المعالج النفسي أن يستخدم المصطلحات التي يؤمن بها المريض ليتمكن من معالجته بواسطتها، ولو أنني قلت لها أنه لا علاقة للجن والشياطين بحالتها لتركتني وذهبت إلى معالج آخر ربما يكون مشعوذاً أو دجالاً يستغلها بأبشع الصور.
جلسة التنويم المغناطيسي
يعتبر التنويم المغناطيسي (وإن كان البعض يصنفه ضمن العلوم السحرية علماً قائماً بحد ذاته، ويستخدمه الكثير من أطباء علم النفس، ولعل حالتنا هذه خير مثال للتطبيق الإيجابي لهذا العلم. وبالرغم من أن التنويم المغناطيسي لا يمكن تطبيقه على جميع البشر، إلا في حالات وظروف معينة.
- حالة هذه المرأة كانت مناسبة تماماً، فما أن بدأت بالإيحاءات التنويمية المناسبة حتى كانت أسبق إلى الاستجابة مما لو أنها كانت بحالتها الصحية العادية. بمعنى أن حالتها المرضية أهلتها لأن تنام مغناطيسياً، فهي من النوع الذي يصعب تنويمه في الحالة العادية وبدأت ترتعد خوفاً وتؤكد لي حضورهم من حولها، وبأنهم يحيطون بالنوافذ والأبواب، وكنت بدوري أعطيها الإيحاءات المهدئة والمؤكدة لها بأنني معها، وبأنهم لا يجرؤن على الاقتراب منها لأنهم يخافون مني. لكنها كانت تصر على اقترابهم أكثر فأكثر حتى باتت تؤكد أن إحداهن تلتف حول عنقها، والثانية تلتف حول رقبتها .فقلت لها لا تخافي.. سـأعد حتى الثلاثة وأبدأ بنزعهم عنك. وفعلاً عددت واحد اثنان ثلاثة، ثم مددت يدي تجاه عنقها وبدأت أمسك الأفعى المفترض وجودها، وأتظاهر بأني أعاني من قوة مقاومتها، وفي الوقت ذاته كنت أنقل للمريضة صورة حية عما أفعل حتى تعيشها على أنها حقيقة واقعة. وبعد قليل من الأداء التمثيلي أوهمتها بأني فككت عنها تلك الأفاعي وألقيتها خارجاً الواحدة تلو الأخرى، مما أنعشها وأشعرها بالأمان. لكنها التفتت نحو النافذة فرأت الأفاعي تتأملها من الخارج، فبدا عليها الخوف مجدداً، فقلت لها لا تخافي، اهجمي عليهم وهم سيهربون منك.. نعم سيخافون منك ويهربون.. لقد أعطيتك قوة تخيفهم، لديك سلاح يهربون منه، فقط وجهي يدك نحوهم وأمريهم بقوة أن يبتعدوا عنك و إلا سيموتون حرقاً. في البداية ظهر عليها التردد ولكن تكرار التأكيد جعلها تمد يدها تجاههم وتأمرهم بالابتعاد وتهددهم بالحرق، وكانت تشعر بأن إحدى تلك الأفاعي لا تزال تتربص بها ولا تتأثر بالتهديد، مما أعاد إلى محياها بعض الخوف والذعر، وكان علي أن أطمئنها وأزرع الثقة في نفسها، فأمسكت بيدها ووجهتها نحو المكان الذي يخيل لها أنها ترى الأفعى من خلاله وقلت لها: انظري بعينك كيف أنها ستحترق. هيا قولي لها بقوة وعنف: (احترقي- احترقي- احترقي..). ترددت لحظة ثم بدأت تتشجع بشكل تدريجي وتلقي أوامرها بثقة متدرجة، ثم صرخت فجأة: إنها تحترق.. إنها تحترق.. وراحت أساريرها تنفرج بفرح طفولي. تبكي حيناً وتضحك حيناً آخر إلى أن بدأت بالاسترخاء والاستسلام للنوم الذي حرمت منه لفترات طويلة. وعندما أيقظتها بعد حوالي ساعة، أكدت عليها وهي في حالة اليقظة بأنهم سيهربون منها بشكل دائم، لأني زرعت في يدها طلسماً يحرقهم إذا اعتدوا عليها. فاطمأنت إلى كلماتي.. وتركتها.
- التقيت بها بعد أيام فقالت لي أنهم حاولوا الاقتراب منها في اليوم الثاني لكنها شعرت بقوة غريبة للمقاومة، ووجهت يدها إليهم كما تفعل الساحرات المحترفات، فهربوا من أمامها مذمومين مدحورين، ولم يعيدوا الكرة بعد ذلك.
سحر أبيض
إن ما فعلناه في هذه الحالة هو أشبه بالسحر الأبيض إذا جاز التعبير، فقد استخدمنا قناعة المريضة بالاستحواذ الشيطاني، وزرعنا في أعماقها قوة المقاومة والتحدي لكي تكون قادرة على الدفاع عن نفسها. مما يؤكد هنا أن قوة الخيال والتخيل إذا ما استخدمت بالزمان والمكان المناسب، كان لها تأثير السحر الحقيقي. ومما يجب معرفته في هذا السياق أن في التنويم المغناطيسي ما يعرف بالإيحاء المؤجل أو المؤقت بشرط أو زمن معين. فقد تستطيع أن تطلب من النائم أن يفعل في اليوم كذا والساعة كذا ما تطلبه منه، وبالفعل فعندما يحين الوقت المحدد تهيمن عليه غفوة مغناطيسية وينفذ ما طلبته منه، ثم يستيقظ بدون أن يذكر شيئاً عما حدث. فإذا قلت للمريض بأنه سيكون أقوى من الجن وأنه قادر على قهرهم وحرقهم في أي وقت يشعر بوجودهم حوله، فإنه سيتصدى لهم ويقهرهم حسب الإيحاء الذي زرعته في عقله الباطن، وتكون لحظات غفوته المغناطيسية مشروطة بشعوره بوجودهم حوله أو قريبين منه.
نبذة عن د. سليمان المدني
يحمل د. سليمان المدني (58 سنة) دبلوم دراسات عليا في الباراسيكولوجيا (ما وراء النفس) من كلية ولاية نيويورك ، ولديه من الخبرة 30 سنة حيث زاول العلاج بطريقة التنويم المغناطيسي واكتسب مع الوقت طرقاً للتمييز بين حالات المس الشيطاني والحالات النفسية الأخرى كما عالج ما يسمى بحالة "المس الشيطاني" بالتنويم المغناطيسي. وأصدر العديد من المؤلفات حول التنويم وتفسير الأحلام والتقمص وآخر مؤلفاته (الصيدلية الروحية) الصادر عن دار دمشق عام 2010 ويزود موقع ما وراء الطبيعة بخبرته في هذا المجال كخبير معتمد لديه.
إقرأ أيضاً ...
- شيلتون : حالة مس وعلاج بالتنويم الإيحائينبذة عن د. سليمان المدني
يحمل د. سليمان المدني (58 سنة) دبلوم دراسات عليا في الباراسيكولوجيا (ما وراء النفس) من كلية ولاية نيويورك ، ولديه من الخبرة 30 سنة حيث زاول العلاج بطريقة التنويم المغناطيسي واكتسب مع الوقت طرقاً للتمييز بين حالات المس الشيطاني والحالات النفسية الأخرى كما عالج ما يسمى بحالة "المس الشيطاني" بالتنويم المغناطيسي. وأصدر العديد من المؤلفات حول التنويم وتفسير الأحلام والتقمص وآخر مؤلفاته (الصيدلية الروحية) الصادر عن دار دمشق عام 2010 ويزود موقع ما وراء الطبيعة بخبرته في هذا المجال كخبير معتمد لديه.
إقرأ أيضاً ...
- التنويم المغناطيسي
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .