الأحد، 14 نوفمبر 2021

Textual description of firstImageUrl

قتيل الجن : من التراث العربي

إعداد : كمال غزال
إعداد : كمال غزال
يُحكى في التراث العربي عن رجل من سادة العرب في الجاهلية ومن سادة كنانة و قريش  اسمه حرب ابن أمية ابن عبد شمس ابن قصي ابن كلاب  ويقال أنه أسس لقريش رحلة الشتاء و الصيف المذكورة في القرآن ومشهور بقوله :  " باسمك اللهم " في حادثه شهيرة له مع الجن !

كانت نهاية حرب ابن أمية  مأساوية على يد الجن ، فجميع كتب الأدب و التاريخ العربي تجمع و تقر بأن هذا الرجل قد لقي حتفه على يد الجن ، بدأت القصة عندما عاد حرب ابن أمية من حرب الفجار وهي حرب كانت بين قيس عيلان و كنانة  فيما كان (حرب ابن أمية) قائداً لجيش كنانة وعند انتهاء الحرب وخلال عودته مر ابن أمية ليزور صديقه من بني سليم و اسمه (مرداس ابن ابي عامر السلمي) وهو زوج الخنساء الشاعرة العربية الشهيرة في التاريخ .

كان مرداس صديق حرب و شريكه في التجارة وكان يقيم في منطقة نائية اسمها القرية وكان في تلك القرية واد كثيف الأشجار  ، فقال مرداس لحرب : " ما رأيك في هذا الوادي ؟  " ، فقال حرب :" انه لمزدرع " أي انه يصلح لنقيم فيه مزرعة لخيولنا و مواشينا لكن مشكلته أنه مليء بالأشجار ، فقال مرداس : " نقتلع الشجر و نتشارك الموقع انا وأنت لترعى فيه خيولنا و مواشينا .. لكن مشكلة هذا الوادي أن أهل القرية يقولون أنه مسكون بالجن ! "  ، فقال حرب :" إذن إحرق الوادي و الشجر الذي فيه ليهرب منه الجن ! " ، فقال مرداس : " وهل نجرؤ ! " ، قال حرب : " وهل تخشى شيئاُ وأنا معك ! " ، فأخذ مرداس شعلة النار و بدأ يحرق الشجر وهو ينشد : 


إني انتخبت لها حرباً و إخوتهُ   ....  إني بحبلٍ وثيق العهد دساسُ


إني أُقوم قبل الأمرِ حجتهُ .... كي لا يقال أن ولي الأمرِ مرداسُ 


وكأنه يقول للجن أني لست وحدي في هذا الأمر فمعي حرب و إخوانه وإني شاورت حرب في الأمر ولست أنا صاحب فكرة إحراق الوادي وأخذ شعلة النار وبدأ يحرق في الوادي و حرب يقف خلفه ليشجعه ، وعندما بدأت النار تأكل الشجر سمعوا ضجيجاً و صراخاً و بكاء داخل الوادي و يذكر في كتب التاريخ أن الوادي خرجت منه أفاعي بيضاء مجنحه تطير هرباً من النار ! ، ومع الصراخ و البكاء في الوادي سمع مرداس و حرب صوت جني في الوادي يقول لهما : 


ويلٌ لحربٍ فارساً مُطاعناً مُخالسا ..  ويلٌ لعمرٍ فارساً إذا لبسوا القوانصا ....لنقتلن بقتله جحاجحاً عنابسا !


 فقد مات في الحريق زعيم الجن و عرف لحظتها مرداس وحرب أنهما قد جنوا على أنفسهم ! ، فبعد حرق الوادي أصبح حرب ابن أمية و مرداس ابن عامر على رأس قائمة المطلوبين في عالم ما وراء الطبيعة إذا جاز التعبير .

أما موت مرداس ابن عامر فكان في لحظتها في نفس المكان فقد خنقه الجن في مكانه وعندما شاهد حرب صديقه وهو يموت شنقاً فر و هرب من الوادي ، مرت الأيام و الأشهر و السنين و إعتقد حرب ابن أمية أنه نجا من الحادثه ، وخرج في أحد السنوات الى التجارة مع القوافل الخارجه الى الشام  فكان حرب خارجاً مع قافلة تجارية يتواجد فيها أمية ابن ابي الصلت الثقفي .. وكان أمية ابن ابي الصلت رجل متدين .. فقد كان نصرانياً .. وليس وثنياً كحرب.


وفي أحد ليالي سفرهم الى الشام وأثناء جلوسهم حول النار يتسامرون جاءت إليهم إمرأة تمشي ،  كانت إمرأة من الجن مخيفة المنظر ، كان بيدها قضيب حديد مشتعل فضربت قضيب الحديد في الأرض ضربة شديدة و صرخت عليهم صرخة مرعبة فهربت النوق التي معهم و ذعرت القافلة و تشتت .، فذهبوا يبحثون عن النوق و جمعوها من جديد ،  فجاءت المرأة إليهم مرة أخرى و صاحت عليهم و ضربت قضيب الحديد في الأرض  فهربت النوق مجدداً فجمعوا نوقهم مجدداً ، وعادت لهم المرأة للمرة الثالثة ففرت النوق مجدداً .. وهذه المرة وهم يجمعون النوق شاهدوا خيمة منعزلة في الصحراء وكان أمام الخيمة رجل عجوز شائب الرأس يجلس أمام النار ، كانت هيئته من أبشع الأشكال لم يشاهدوا أبداً مثل هذا المخلوق،  خيمة منعزلة و عجوز بشع وحيد في صحراء شاسعة بين الحجاز و الشام  فإستغربوا الأمر .

 

فقال أمية ابن الصلت للرجل العجوز : "  أخبرنا بقصة هذه المرأة .. ماذا تريد منا ؟! "  ، فأشار الرجل العجوز الى حرب وقال لهم : "  انها تريد صديقكم هذا .. فإذا أتتكم مرة أخرى فقولوا لها باسمك اللهم .. ولن تشاهدوها مرة أخرى ! "  ، فحفظوا كلمة باسمك اللهم وجلسوا حول النار فجاءت المرأة تمشي بإتجاههم  فقام إليها أمية بن ابي الصلت و صرخ في وجهها قائلاً : " باسمك اللهم " ، وقيل أنه كان أول رجل في العرب جميعاً يقول " باسمك اللهم " ،  وعندما قال لها أمية باسمك اللهم صاحت صيحة مرعبة ثم اشتعلت وأصبحت رماد !

انتهت تلك الليلة على خير ،  وفي الصباح تابعت القافلة مسيرها .. وأثناء مسير القافلة أغار نفر من الجن على القافلة و خطفوا حرب ابن أمية و عذبوه و قتلوه و دفنوه في منطقة مقفره   ، وذهب رسول من الجن الى مكة ووقف على مدخل مكة ونادى على الناس قائلاً :

وقبر حربٍ بمكانٍ قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر


وهذا البيت من الشعر يعتبر من الأبيات الإعجازية المستحيلة في اللغة العربية .. وهو يدل على انه كلام جن لا كلام بشر .. لأنه في علم اللغة يعتبر من المتناثرات ..

ويعتبر هذا البيت من الأبيات الخرافية التي لا تستطيع أن تكررها مهما كانت فصاحتك ثلاث مرات دون أن تغلط فيه !

قُتل حرب ابن أمية قتل قبل الإسلام بستة وثلاثين سنة وقد قتلته الجن بإتفاق جميع رواة التاريخ العربي ! ، وهذه لم تكن أول قصة ولا آخر قصة بين الجن و البشر في التراث العربي قبل الإسلام أو بعد الإسلام .


مصادر 

- كتاب الكامل في التاريخ و كتاب التعريف و الأعلام للسهيلي 

- كتاب التاريخ و الأعلام للزرقلي


إقرأ أيضاً ...

- مقتطفات من سيرة الجن في الأدب العربي

- غرائب حائل : قصص من الجن والاماكن المسكونة

هناك تعليق واحد:

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ