إعداد : كمال غزال |
فرضيات التفسير
لا يقتصر الطول الغير عادي على ضريح عمران فحسب بل أن هناك قبور وأضرحة عديدة نسبت لأنبياء مثل آدم ونوح عليهما السلام ولأولياء الله الصالحين بطول عشرات الأمتار، فما هو السر ؟
في الواقع هناك نظريتان كثيراً ما تستخدمان لتفسير طول تلك الأضرحة ، النظرية الأولى تزعم أن بعض البشر كانوا عمالقة في الأصل ولهذا كانت قبورهم كذلك ، غير أن هذه النظرية ينقصها الدليل العلمي والأثري إذ لم يعثر على هياكل بشرية من هذا النوع رغم انتشار اخبار وصور مضللة عن وجودها في السوشال ميديا ، وإذا فرضنا جدلاً أن الضريح يضم عملاقاُ فلماذا لا يتناسب عرض الضريح الضئيل جداً مع طوله الممتد كثيراً ؟! ، هل يكون الجثكان عملاقاً وعصوياً في نفس الوقت مثلاً ؟ ، ويبقى لهذه النظرية مؤيدوها من الذين يعتقدون بوجود العمالقة ، لكنها نظرية مرفوضة من المجتمع العلمي إذ يعتبرها مجرد أسطورة من أساطير القدامى وخيالاتهم.
أما النظرية الثانية فهي تبدو أكثر عقلانية ، إذ يعتقد معظم الناس أنه ما بين نقطة البداية ونقطة نهاية القبر يقع القبر الفعلي للجثمان أي في مكان ما في الوسط ، إذ قد يكون الناس نسوا مع الزمن مكان الجثمان المدفون أسفل القبر فرجحوا أن يكون بين نقطة البداية ونقطة النهاية فأطالوا القبر بينهما.
وهناك نظرية ثالثة أذكرها : أن القوم الذين دفنوه (أو من أتى بعدهم لاحقاً) أطالوا القبر عن عمد لإعلاء قيمة الإنسان المدفون في نظرهم أو لتقديسه بمعنى آخر ليوحوا بأنه كبير في موته (مادياً) كما كانت قيمته عالية بينهم في حياته.
أضرحة مشكوك بتاريخها
تنتشر في كثير من الدول العربية أضرحة ومقامات وشواهد لأنبياء وأولياء وصالحين، تحوي آثارا لأقدامهم وشواهد قديمة جاء ذكرها في القرآن الكريم، أو في الأحاديث النبوية، أو الآثار التي تناقلتها كتب السلف، وليس ذلك مستغرباً... فالجزيرة العربية والعراق ومصر وبلاد الشام وفلسطين، كلها أرض رسالات وبلاد أنبياء،
وكثير من زوار هذه الأضرحة يزورونها ويتبركون بها لاعتقادهم بأنها تضم رفات أنبياء أو صديقين أو أولياء دون توافر مرجعية توثيقية تاريخية أو علمية تؤكد ذلك، سوى الروايات المتراكمة عبر عقود أو قرون من الزمن.
ولكن المستغرب أن تجد ضريح أحد الأنبياء في بلد يؤكد أهله وأهل العلم فيه أنه حقيقة تاريخية ثابتة لا تقبل الجدل، ولا تحتمل التشكيك في أن نبيا ما قد دفن في أرضهم، بل إنك تجد لديهم من الأدلة والروايات التاريخية والشعبية ما تؤكد أحقيتهم بجوار نبيهم، وفي نفس الوقت تجد في بلد آخر ضريحا لذات النبي، وتجد لدى أهله وأهل العلم فيه أدلتهم وكتبهم ورواياتهم الخاصة التي تؤكد أحقيتهم برفات نبيهم، والأكثر غرابة من ذلك أنك قد تجد ضريحا لذات النبي في بلد ثالث وربما رابع، وآثارا لها امتدادات تاريخية أيديولوجية موغلة في القدم، وتذوب الحقيقة التاريخية في ظل غياب الدقة التوثيقية والدراسات لهذه الآثار بالغة الأهمية، وتصبح العائدات المالية والاستثمارات السياحية لهذه الآثار أهم بكثير من توثيقها ودراستها على أسس علمية دقيقة موثوقة.
هل "عمران" نبي من أنبياء الله فعلاً ؟
بحسب ما جاء عن صحيفة عكاظ يقول الدكتور محمد البلوشي ــ رئيس قسم الآثار بجامعة السلطان قابوس أنه لا يوجد نبي باسم عمران، إلا أن البعض يقول: إن المقصود بالنبي عمران هو والد السيدة مريم العذراء عليها السلام، ومع ذلك لا يوجد تفسير لكيفية وجوده في هذه المنطقة، خاصة وأن السيدة مريم العذراء كانت موجودة في فلسطين ! ، ومن الجدير بالذكر أن اسم عمران ورد أيضاً على أنه والد سيدنا موسى وهارون لكن لم تذكر الكتب السماوية بأنه كان من أنبياء الله.
فهل كان من يسمى بـ "النبي عمران" بهذا الطول ؟ وهل كان من العمالقة إن صح وجود العمالقة ؟
نترك الحكم لك وربما تغادر مكان الضريح وأنت لا زلت تتساءل.
إقرأ أيضاً ...
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .