الجمعة، 13 أغسطس 2010

Textual description of firstImageUrl

السحر والدين

إعداد : كمال غزال
العلاقة بين السحر والدين علاقة موغلة في القدم ، يذهب روبرتسون سميث إلى أن الدين باعتباره شيئاً آخر غير السحر والشعوذة ، ومنذ أقدم العصور يخاطب العشيرة الأقربين وينصب على كيانات ودودة قد تغضب أحياناً على قومها ولكنها دائماً تتسم بالسماحة إلا اتجاه أعداء أتباعها أو المارقين على المجتمع ، الدين بالمعنى الحقيقي للكلمة لا يبدأ بخوف غامض من قوى مجهولة ، بل بتقديس ودي لآلهة معروفة ترتبط بأتباعها بأواصر قربى وثيقة .

وليس الدين بهذا المعنى ربيب الخوف ،والفارق بينه وبين رهبة الإنسان البدائي من أعدائه غير المرئيين مطلق وشاسع ، سواء في أقدم مراحل التطور أو أحدثها. ولم تبدأ قوى السحر الغيبية القائمة على الرعب والطقوس التي تهدف إلى مهادنة الآلهة الغريبة في غزو الدين القبلي أو القومي إلا في عصور التفكك الاجتماعي ، اذن، فالسحر عند سميث يرجع إلى عصور التفكك الاجتماعي عند الإنسان البدائي.


بينما يذهب شفيق مقار في كتابه " منشأ السحر والدين " إلى أنه في فجر التاريخ ، وقف الإنسان عارياً ، جاهلاً ، منشدهاً ، أمام ظواهر الطبيعة وغوامض الكون في سعيه إلى الذود عن نفسه وتأمين بقائه في عالم غير محايد تماماً لا يعبأ بوجوده أو يكترث لموته أو غير دار بما يحف به من صعاب او يتربص به من مهالك، كانت محاولات الإنسان القديم النفاذ إلى مكنونات الغوامض التي واجهه العالم بها لدرء الشر الذي أيقن أنه يتربص به من وراء تلك الحجب من قوى خفية وفوق طبيعية ، بل ومحاولة الانتقال من مرحلة استرضائها ومنع أذاها إلى مرحلة ضمها إلى صفه ، لتكون له لا عليه ، ومن المسعى الأول نشأ السحر، ومن المسعى الثاني نشأت الكهانة .

لقد بدأ السحروالدين كتوأمين إلا أن انفصالهما كان محتوماً منذ البداية . لقد كان الرحم الذي ولد التوأمان منه رحماً مركباً من خوف الإنسان وفضوله ، ونزوعه إلى القوة وسعيه إلى تأمين بقائه وإشباع حاجاته ، عوإمل جعلته يتسيد على غيره من المخلوقات ، أدوات تمكنه من فرض نوع من التحكم على الظواهر الطبيعية يجعلها تعمل لصالحه وتتيح له في الوقت ذاته التعامل مع القوى الخفية التي آمن بوجودها وراء الظواهر الطبيعية ومن هنا كان من المحتم أن يفضي ظهور السحر والدين كتوأمين مع إختلافهما جذرياً في نفس الوقت إلى الصراع بينهما .

- السحر تعبير عن الغرور الإنساني، إذ يجسد إعتقاد الإنسان بأنه قادر بجهده الخاص على التحكم في ظواهر الطبيعة ، وهي ظواهر يشترك السحر مع توأمه الدين في الاعتقاد بمرونتها وقابليتها للتحكم والتعديل ،

- بالمقابل يعبر الدين عن التواضع الإنساني، إذ يجسد اعتقاد الإنسان بأنه أضعف وأضأل شأناً من أن يتحكم في ظواهر الطبيعة أو يستغل مرونتها وقابليتها للتعديل لصالحه وبجهده الخاص . وهو اعتقاد يجعله يتنصل من غرور السحر والاكتفاء بمحاولة الوصول إلى القوى العليا بالصلاة والشعائر والطقوس واستوضائها كيما تتحكم تلك القوى لحسابه في ظواهر الطبيعة وتكف عنه أذى القوى الخفية الشريرة التي يعج بها العالم غير المرئي .

وهذا التناقض والصراع بين السحر والدين ، أدى في النهاية الى حالة من العداء المستحكم وصل من ناحية الدين إلى حد التحريم والتجريم .

هاروت وماروت
من وجهة نظر دينية نشأ السحر من مصدر سماوي . وتروي القصة ( متفق عليها مع بعض الاختلافات في التفاصيل) أن الملكين أمثلة عن ممارسات السحر حول العالم

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .