إعداد : كمال غزال |
عبارة " خفيف كالريشة ، جامد كاللوح " تشير إلى لعبة يمارسها الأطفال وخصوصاً المراهقين الذين يجتمعون في مكان ما، في منزل صديقهم يقضون جلستهم فيه وقد يكون في باحة مكان كالمدرسة مثلاً ، وهذه العبارة معروفة في الغرب ومنتشرة في الثقافة الشعبية وهي تشير إلى خدعة الإسترفاع، كما أنها تمارس أيضاً في المجتمعات العربية وإن اختلفت الأسماء والمعتقدات المستخدمة فيها.
وصف اللعبة
يمدد أحد المشاركين جسده بشكل كامل على أرض منبسطة بينما يتوزع الآخرون حوله، وكلاً منهم يضع إصبعأً أو إثنين أسفل جسمه، وتجري العادة أن يقوم الشخص القريب من رأس المشترك بالقول : " يبدو أنه مريض "، والبقية يكررون نفس القول، ثم يقول : " يبدو أنه في حالة أسوأ " ، ويكرر البقية نفس الكلام، وهكذا يركز التوجيه العام لعملية النداء والتكرار على مقدار وهن الشخص شيئاً فشيئاً، ثم يقول:" هو يموت الآن.."، وفي النهاية يقول : " أصبح ميتاً ".
وهناك نسخ متنوعة من الكلام المنطوق في اللعبة، وفي إحدى النسخ الحديثة يقوم جميع المشتركين بإخبار الشخص الذي قاموا باسترفاعه قصة عن موتهم ويطلبون منه تصور أنها تحدث له ، وتخدم هذه اللعبة هدفاً مزدوجاً ، فهي من ناحية ترهب المشتركين بالوهم ومن ناحية أخرى تقنعهم بأنه من السهل عليهم رفع الشخص محور اللعبة، وينتهي الكثير من أشكال اللعبة بعبارة : " خفيف كمثل الريشة، قاس كمثل اللوح " التي يرددها كافة المشاركين (تخصص للشخص الذي تخور قواه ، والذي يتظاهر بأنه ميت)، وذلك أثناء محاولتهم لرفع جسم رفيقهم مستخدمين أطراف أصابعهم، وبعض أشكال اللعبة تغفل ذكر القصة بأكملها وتقتصر على ترديد عبارة :" خفيف كالريشة "، ويزعم أنه بعد ترديد هذه العبارات، يبدو الشخص مرفوعاً وأخف وزناً أو حتى معدوم الوزن !
- وهناك نسخة أخرى أيضاً عن اللعبة حيث يجلس شخص على الكرسي ويوافق 4 متطوعين على الوقوف حوله، يكون اثنان منهم إلى جانبه الأيسر والآخران إلى جانبه الأيمن، وكل منهم يقومون بوضع إصبعان عند أسفل كل ركن من مكان الجلوس، والأربعة معاً سيحاولون رفع الكرسي والجالس عليه لكن محاولتهم ستفشل عادة ، ولهذا سيقوم المتطوعون بأداء طقوس بسيطة وهي تنطوي على فرك أياديهم معاً أو تدوير الكرسي في إتجاهات متنوعة ، باتجاه عقارب الساعة أو المشي للخلف، وبعد أداء هذه الطقس يضع المتطوعون أياديهم فوق رأس الجالس من أجل "إرسال الطاقة " على الجالس ريثما تجعله عديم الوزن، ومن ثم يقومون مجدداً برفع الجالس وفق نفس الطريقة المذكورة سابقاً ، ومن المعمول به أيضاً أن يقوم الرافعون برفع الشخص الجالس على الكرسي (إضافة إلى الطقوس المذكورة) من خلال نقاط الإرتكاز الأربعة للجسم التي تقع أسفل الركبة على كلا الجانبين ، وتحت الكتف على كلا الجانبين.
تجربة واقعية
أرسل سيد عثمان رمضان ( 23 سنة) من مصر إلى موقع ما وراء الطبيعة تجربة إسترفاع كان يقوم بها مع زملائه في الفصل أثناء دراسته في المرحلة الإعدادية ويتساؤل عن تفسيرات لها حيث كتب :
" كنت فى أولى إعدادي يعني تقريباً سنة 2002، اتفقنا أنا وأصحابي فى الفصل أن نجرب لعبة كانت منتشرة فى تلك الفترة، وأحد أصحابنا قال لنا أنه يعرف يلعبها، واتفقنا أن نشارك بها في الفصل وذلك بعد إنتهاء اليوم الدراسي ، تحتاج اللعبة إلى 8 أشخاص ، إحداهم ينام على ظهره على الديسك و6 يقفون حوله ، 3 عند كل جانب، وكل واحد من الـ 6 يضع إصبعاً من كل يد من يديه أسفل النائم على الديسك، أما الشخص الثامن فكان يجلس عند رأس الشخص النائم ويقرأ سورة الفاتحة في أذنيه ويقول كلام آخر ، لكنني لا أذكره، وبعد ذلك يرتفع صوته والـ 6 المحيطين به يرددوا نفس الكلام وراءه، ولا أذكر من هذه العبارات إلا بضعة كلمات قليلة مثل "سيدنا سليمان" و "عليه السلام" و "نفذوا الأمر" و " كفنوا الميت وشيلوه بـ...." وكان الشخص الذي يجلس عند رأس صاحبنا النائم هو من يعرف يلعب هذه اللعبة.وبعد ما أنهى كلامه ورددنا وراءه، قال لنا : "ارفعوا" ، وبعد هذا رفعنا صاحبنا بإصبعين من كل منا لمسافة أقدر أنها كانت أكثر من نصف متر فوق الديسك، وكنت أحس بأنني لا أرفع وزناً أصلاً، والغريب في الأمر أنه عندما خاف صاحبنا النائم فتح عينيه وأصبح جسمه ثقيل جداً ولم نتمكن من حمله أو رفعه فوقع على الديسك، وكاد أن يصيب نفسه ، ولهذا خفنا من العواقب فاتفقنا أن لا نلعب هذه اللعبة مرة أخرى ، وفعلاً لم نلعبها منذ ذلك الحين مرة أخرى ، ولم أر أي أحد يلعبها ونسينا اللعبة، لكنها بقيت تحيرني وتشغل تفكيري خصوصاً عندما كبرت ".
تفسيرات الظاهرة
في الكثير من أشكال اللعبة يكون هناك 5 أشخاص يجلسون حول شخص آخر. ويستخدمون إصبعأً أو إصبعين من كل يد للقيام بهذا الرفع، يكون من السهل عملياً رفع وزن ثقيل عندما يكون موزعاً بشكل متساو بين مجموعة من 4 أشخاص. والوزن يبدو أخف مع تكرار المحاولة أو بعد القيام بشكل من الطقوس وهذا عائد إلى زيادة التركيز. بحيث يصبح "الرافعون" أكثر انسجاماً في التزامن بين بعضهما الآخر.
وأحد أكثر التفسيرات منطقية لهذه التقارير هو أن المشاركين يخدعون في الواقع عقولهم من خلال طريقة ترديد العبارات ليصبحوا بعدها مصدقين بأن الشخص ارتفع " خفيفاً كالريشة "، ومع أن الجسم ما زال يتفاعل مع الاوامر الصادرة عن الدماغ إلا أن الدماغ أصبح يدركها بشكل مختلف خصوصاً حينما يوهم هؤلاء الأشخاص الخمسة أدمغتهم بأن ذلك الشخص أصبح خفيف الوزن.
والسبب الآخر لهذا النجاح الواضح في الإسترفاع يكمن في مفهوم " النبوءة التي تحقق ذاتها "، إذ أن الرافعين "يعلمون" أن الكائن البشري أثقل من أن يتم رفعه بطرف إصبع ، لذلك وبشكل لاشعوري لن يبذل الرافعون الجهد الكافي في محاولتهم الأولى، ولكن بعد إجراء "الطقوس" يعتقدون بأن الجسم من المفترض أن يتحرك أو أن الطقوس بحد ذاتها منحتهم هذه القوة ولهذا سيبذلون جهداً كافياً لرفع المشترك بعيدأً عن الأرض.
نبذة تاريخية
قد تكون هذه اللعبة شوهدت تمارس في القرن الـ 17 خلال موجة إنتشار مرض الطاعون ، حيث أشار (صموئيل بيبايس) وهو مسؤول بحري أنها شوهدت تمارس كشكل من أشكال إبعاد المرض ، وخلال مناقشة مع صديقه السيد (بريسباند) في 31 يوليو من عام 1665 كتب (صموئيل بيبايس): " رأى 4 بنات صغيرات ، كل منهن يركع على ركبة واحدة ، وإحداهن بدأت تقوم بالخطوة الأولى وهي الهمس في إذن الثانية والثانية في أذن الثالثة، والثالثة في إذن الرابعة، والرابعة في أذن الأولى، ثم الخطوة الثانية ، ثم أحطن بصبي يستلقي على ظهره منبسطاً على الأرض، ووضعت كل منهن إصبعها أسفل الصبي الذي كان كالميت ، وبعد الإنتهاء من الكلمات ، استطعن بأصابعهن الأربعة رفع الصبي عالياً بأقصى جهدهن ، وكان السيد (بريسباند) هناك ومتعجباً وخائفاً من رؤية ذلك لأنه كان يعتقد أنه سوف يطاله جزء من هذه الكلمات التي كن يرددنها، ونودي إلى طباخ المنزل الذي كان بدينأً وشرهاً ، وقامت الفتيات الصغيرات برفعه بنفس الأسلوب " ، وتكلم (بيبياس) عن الكلمات التي كانت الفتيات يرددنها وهي :
" هنا جسد ميت ..
متخشب كالعصى ..
بارد كالرخام ..
خفيف كالروح ...
ارفع نفسك .. باسم يسوع المسيح ! ".
متخشب كالعصى ..
بارد كالرخام ..
خفيف كالروح ...
ارفع نفسك .. باسم يسوع المسيح ! ".
وأخيراً ... لقد كانت هذه الظاهرة موضع المراقبة في عصرنا الحالي، وغالباً ما لاقت الإنتقادات باعتبارها شكلاً من أشكال الروحانية أو جلسات إستحضار الأرواح كما اعتبرتها بعض الجماعات الدينية أمراً ملعوناً وبغيضاً، إلا أنها ما زالت تعتبر على نطاق واسع لعبة جماعية بسيطة على غرار لعبة ماري الدموية أو رواية حكايا الأشباح في السهرات، إقرأ عن ألعاب خطرة.
شاهد الفيديو
مقطع يظهر فيه مجموعة من الفتيات المراهقات ويقمن بلعبة الإسترفاع وطقوس رفع الأيادي وترديد العبارات حول فتاة .
إقرأ أيضاً ...
- ألعاب خطرة
- ظاهرة التعليق في ا لفراغ
- من تجاربكم : عمو زغلول واللعب مع المجهول
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .