الثلاثاء، 25 مارس 2014

Textual description of firstImageUrl

معتقدات الكنز المدفون

إعداد : سليل رشيد و كمال غزال
يتحول الكشف عن الكنوز المخبأة في باطن الأرض لدى البعض ليصبح هاجساً مهيمناً وغاية مستمرة مهما كانت الوسائل المعتمدة بهدف تحقيق حلم الثروة ، وتتحكم في سير هذه المحاولات بعض المعتقدات المتوراثة والمنتشرة في بعض أوساط المجتمعات العربية ومنها المجتمع المغربي ، ونذكر من بينها إعتقاد شائع بأن أفراداً من الجن يحرس كنوزاً مدفونة في باطن الأرض فلا يسمحون لأحد من الساعين وراءها لنبشها أو الإقتراب منها ، وهي كنوز كان قد خلفها القدماء فلم يبوحوا بسرها بعد مغادرتهم أو وفاتهم وربما أحاطوها بلعنة أو بأعمال سحر لكي لا يستفيد منها أحد بعدهم كما كان يجري خلال طقوس تحنيط ملوك مصر من الفراعنة وغيرهم من الشعوب حيث كانت الكنوز تدفن مع رفات النبلاء أو علية القوم قديمأً وتقام طقوس سحرية وسرية لكي تتم حراستها من قوى خارقة غيبية .



ولكي يتغلب الساعون وراء الكنوز للتغلب على هذه اللعنة أو الجن الحارس يستخدمون طقوساً ووسائل غريبة ومبنية على معتقدات أيضاً بما فيها تضحية بقرابين أو الإستعانة بجن آخر يسمح لهم بفتح البوابة المحروسة..الخ ، ومن الجدير بالذكر أن هذه المعتقدات أصبحت حجة عدد كبير من المحتالين على الضحايا المؤمنين بها لكسب أموالهم ومن ثم الفرار.  ونذكر من هذه المعتقدات :

1) معتقد قوس قزح
في غياب خريطة تحدد مكان الكنوز المدفونة التي تسمى في اللهجة المحلية "تقييدة" والتي تكون مدونة على ورق أو جلد حيوان يلجأ البعض إلى معتقد قوس قزح ، حيث أن هناك إعتقاد بأن قوس قزح يساعد في تحديد موقع الكنز المدفون ، وجاء ذلك في كتاب المعتقدات السحرية و طقوسها في المغرب للكاتب مصطفى واعراب ، حيث كتب : " وحدهم العارفون بأسرار الكشف عن الكنز بإستطاعتهم تحديد مكان وجود الدفن عن طريق قوس قزح و إخراجه من مخبئه السري بلا خسائر ، قوس قزح هذا الحدث الطبيعي لدى العارفين بسره هو إعلان إستغاثة من كنز يشير إلى مكان دفنه حتى يأتوا إليه ليخلصوه من أسر الجن الحارس ".

2) معتقد الزوهري
ينتشر عدد من العصابات المتخصصة في خطف الأطفال الذين لديهم علامات  "الزوهري" سواء أكانوا ذكوراً أو إناثاً، حيث أن هناك معتقدات تقول أن هذه العلامات هي ما يحتاجه المنقبون لتنفيذ مآربهم في الكشف عن الكنوز وفي تجنب أخطار الجن الذين يزعم بأنهم يحرسونها،  و "الزوهري" هو صفة للطفل الذي يملك خطاً يقطع راحة يده عرضاً وكذلك لسانه ويعتقد بعض الناس من الباحثين عن الكنوز أنه من أبناء الجن وجرى إستبداله في مولده بأحد أبناء الآدميين لذلك فهو لا يخاف من مواجهة الكائنات الغيبية الحارسة للكنز بحجة أنه يمتلك قدرة سحرية على رؤيته ، وما دامت ماهية الجن مجهولة و كينونته غير مدركة من طرف الجميع إلا من طرف هذه الفئة من الناس لهذا فطلبات الجن تتجلى في طقوس التضحية بالزوهري أو إراقة دمه لكسب رضا الجن الحارس وبالتالي سلب قواه ويترافق مع ذلك استخدام أنواع متعددة من البخور و الطلاسم.

ومن بين الطقوس التي يتم الشروع بها قبل التنقيب أن يتوضأ المنقب 7 مرات قبل الحفر و الإستخراح ، ويشترط أن تكون العملية بعد صلاة العشاء حتى الفجر وطوال فترة التنقيب أو البحث يقوم المشتركون بتلاوة عدة سور قرآنية بينما  يمنع على من يكلف بالحفر التكلم خشية إثارة غضب الجن المستمتع بدم الزوهري كما يزعم.

للمزيد من التجارب والمعلومات إقرأ عن الزوهري.

3) الزئبق الأحمر (الفرعوني)
هناك معتقدات أخرى تتعلق بمادة مزعومة يقال أنها تطيل عمر الجن وتجدد شبابه وتدعى بالزئبق الأحمر (زيت الكاهن) وهو إعتقاد نشأ من مصر وهي وسيلة يعتمدها المنقب لإقناع الجن المستحضر لتحديد موقع كنز حسب ما يزعم. كما أنها وسيلة المحتال التي يمارسها على ضحاياه. إقرأ عن الزئبق الفرعوني وزيت الكاهن لمزيد من المعلومات.

قصص واقعية
يروي سليل رشيد قصة رواها له أحد الأصدقاء المهووسين بسماع قصص الكنوز والدفائن وهي قصة صديق له يدعى سعيد ، وأذكرها كالآتي  :

يعيش سعيد في مدينة فاس- المغرب وفي أحد الأيام أتى إليه رجل كبير في السن وتحدث معه بعد صلاة الظهر حيث أخبره عن وجود كنز كبير مدفون في أرض زراعية يمتلكها سعيد في إحدى القرى ، ولكي يكتسب سعيد الثقة بكلام هذا الرجل أخبره بأسرار عن حياته الشخصية لا يعرفها إلا سعيد ، ولم يكاد الرجل ينتهي من كلامه حتى طلب منه سعيد الذهاب و هذه الساعة إلى أرضه لإخراج الكنز وسرعان ما طلب منه الرجل الغريب أو "الشيخ" مبلغاً كبيراً لشراء خروف ذو مواصفات خاصة وبعض الأعشاب وبخوراً للمساعدة في ترويض الجن الحارس للكنز ، فسلمه سعيد المبلغ ، وهكذا انتهى الحوار بينهما واتفقا على اللقاء في صباح اليوم التالي ، لم يتمكن سعيد من النوم تلك الليلة إذ جعله الكنز يحلم بأشياء كثيرة يود فعلها بعد حصوله على الصندوق القابع تحت أرضه ، في اليوم التالي سرعان ما اكتشف سعيد أن الشيخ لم يأتي في الموعد المقرر فأدرك أنه كان ضحية لخدعة متقنة خسر فيها الكثير من ماله.

لا تختلف القصة المذكورة أعلاه كثيراً عن عشرات من القصص التي تحكى عن رجال كبار في السن تمكنوا من الإحتيال على عدد من الأشخاص الذين باعوا ما لديهم لتحقيق حلم الثروة من إقناعهم في إنتشال كنوز مزعومة ومدفونة عميقاً في مكان ما ، وهذه الحكايات تشبه كثيراً ما يروى عن  "أصحاب السماوي" وهي المنتشرة في مدن المغرب،  وهو مصطلح محلي مغربي لا وجود لمرادف له في اللغة العربية ، و"أصحاب السماوي" هم الأشخاص الذين يقومون بممارسة ضرب من التنويم الإيحائي على الضحية من دون علمها بذلك بغية سرقة ما لديها من ممتلكات أو من خلال الإستعانة بالجن و يسبق ذلك وضع خطة ذكية تستدرج الضحية لإطلاعها على أسرار شخصية عنها، والغاية من هذه الممارسات التأثير على عقل الضحية لسلب أموالها.

- وفي قصة أخرى وفي مكان غير ببعيد عن مدينة فاس و في إحدى قرى مدينة (صفرو) لم يعر أحد إهتماماً لخيمة نصبها 3 رجال متخصصين في البحث عن الكنوز، ظن السكان المحليون أنهم مجرد سياح جدد يريدون التخييم في هذه المنطقة الجبلية ، وأمضى الغرباء كما جاء على لسان أحد السكان مدة أسبوعين دون أن يشك أحدهم في أمرهم، وبعد رحيلهم خلسة في وسط الظلام إكتشف السكان وجود حفرة عميقة في المكان وعرفوا من إمام مسجد أنهم نجحوا في إستخراج الكنز الذي سمعوا عنه كثيراً و لم يعرفوا مكان تواجده أو مقداره أو طبيعته .

أسباب إنتشار ظاهرة البحث عن الكنوز
من بين أسباب إنتشار ظاهرة الكنز المدفون أن الرومان وقبل مغادرتهم لأراضي إفريقيا قبل قرون لم يتمكنوا من حمل كل ممتلكاتهم لذا قرروا دفنها عميقاً في أماكن غير معروفة، و لإستعادتها لاحقاً تم رسم خريطة و كتابة معلومات تظهر مكان ممتلكاتهم سواءا أكانت نقودا أو حلياً أو ذهب و فضة ، وهناك سبب آخر هو أن الكثير من العائلات لجأت إلى إخفاء كنوزها تحت الأرض في حقبة من الزمن غاب فيه الأمن و شاعت فيها الفوضى أو الصراعات السياسية. وهناك سبب ثالث وأكثر أهمية وهو دافع الإحتيال الموجود لدى عدد غير قليل من الناس الذين يستغلون المعتقدات المنتشرة عن الجن وغيرها لإقتناص المال من السذج.

وأخيراً ... بينما يستخدم الباحثون عن الكنوز في الغرب وسائل علمية مثل أدوات التحقق من المعادن، واستقصائية مثل جمع مصادر والبحث عن آثار وخرائط قديمة في مهامهم يلجأ عدد من المنقبون في المجتمعات العربية إلى معتقدات غريبة حول قوس قزح الجن والزئبق الأحمر والزوهري وغيرها فإن لم يجدوا ضالتهم لجأ بعضهم إلى الإحتيال على الضحايا المؤمنين بتلك المعتقدات لأخذ المال الذي يسعون إليه مهما تنوعت الوسائل.

إقرأ أيضاً ...
- طرق "أصحاب السماوي"
- الزوهري
- الزئبق الفرعوني وزيت الكاهن
- إختطاف وقتل طفل زوهري
- لغز الزئبق الأحمر
- مجوهرات ملعونة
- القدرة العجيبة للكشف عن مخابئ المياه

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ