الأحد، 6 يوليو 2014

Textual description of firstImageUrl

التعويذة المزيفة

إعداد : د. سليمان المدني
التعويذة المزيفة هي تعويذة مختلفة عن كل ما هو معروف من مصطلحات سحرية أو غير سحرية عبر الأجيال المتعاقبة على مر التاريخ لأنها تكشف للقارئ مدى إمكانية خداع الجن والشياطين بتعاويذ ملفقة.  وتكشف بالتالي مدى جهلهم وخوفهم مما يجهلون رغم امتلاكهم ناصية السحر بأنواعه كما يدعون.



والقصة باختصار أن عائلة حلبية كانت تقيم في دمشق قريباً من مكان إقامتي، واستدعاني أحد أبنائها لتفقد حالة غريبة تدور رحاها في منزل العائلة. فذهبت معه إلى هناك، وعندما دخلت إلى الغرفة المخصصة وجدت فتاة عرفت من ملامحها أنني رأيتها مسبقاً في الحي، كانت مستلقية على السرير شبه منهكة ، وتوحي معالم وجهها أنها أكبر بكثير مما كنت أعرفها، فقد كانت وفق معرفتي لها لا تتجاوز العشرين من عمرها، أما شكلها الحالي فقد كانت منكمشة على نفسها ومتقلصة ووجهها انكمش بدوره وتقلصت عضلاته، وفكيها انضغطا فوق بعضهم بشكل يوحي أنها امرأة عجوز بدون أسنان. وعندما رأت وجهي راحت تثرثر بكلمات مبهمة لكنها توحي بأنها تشتمني وتهيم بطردي لأنني شخص غير مرغوب فيه كما يبدو.

وفي مثل هذه الحالات لا يمكنني التسرع في أي خطوة أخطوها  إذ يبدو أن الشيطان المتمكن قد سبقني في اتخاذ أي  إجراء وخاصة في مجال التنويم المغناطيسي إذ لا يمكن تنويم الإنسان المنوم أصلاً من قبل الشيطان.

وبينما أنا في حيرة من أمري تقدم مني أحد أبناء العائلة وهمس في أذني قائلاً:
" إنها ملبوسة  (ممسوسة) والجن الذي يلبسها شرس وشرير كما ترى .. الأفضل أن تكتب لها حجاباً (تعويذة ) لكي تطرد عنها الشياطين عموماً ".

التعويذة
وبالرغم من عدم قناعاتي بتأثير التعاويذ عموماً في تلك الفترة من حياتي المعرفية الروحية، إلا أن الفكرة راقت لي، ولكن.. ماذا أكتب في سطور التعويذة خاصة وأنه لم يسبق لي أن كتبت شيئاً من هذا القبيل. ولمحت في تلك الأثناء وجه المريضة وهي تتفحصني وكأنها تقرأ أفكاري وحيرتي وتشككي مما أفكر في الإقدام عليه، ثم تبتسم ابتسامة صفراء وكأنها تقول لي : " هيا .. ماذا تنتظر ؟ ".

كان الشيطان الذي يتلبسها أو يمسها إذا جاز التعبير يقرأ أفكاري ويستعد لإفشال أي عمل أقوم به. وعليه فإن أي طلاسم أو أوفاق سحرية يسطرها قلمي سيتصدى لمفعولها قبل أن يخطها قلمي.

وهنا قررت أن أقطع التواصل الفكري بيني وبينه حتى أمنع عنه التصدي لعملي التعويذي المنشود، وكانت طريقة القطع قد تعلمتها من خلال تجاربي السابقة وهي أن أعلق لساني مقلوباً بسقف حلقي ثم بدأت الكتابة، وهنا لاحظت الحيرة والارتباك قد بدت على وجه المريضة (أي على وجه الشيطان المستحوذ على جسد المريضة).

ماذا أكتب ؟
لم تكن عندي كما ذكرت أية طلاسم أو أوفاق سحرية أكتبها، وكان علي أن أبدأ الكتابة بثقة لا تشوبها أية شائبة، فلم أر إلا وقلمي يكتب ما أمليه عليه من أفكاري ولكن بلغة غير مفهومة على الإطلاق حتى بالنسبة لي.

كنت أفكر بكلمة معينة ويتحرك قلمي ليكتبها بطريقة أشبه ما تكون  بلغة مورس المعروفة للمتخصصين بها وبكشف رموزها نقاط وخطوط قصيرة وأحياناً ما يشبه الأحرف الصينية وأشياء أخرى مبهمة حتى أنهيت ما أريد قوله بفكري وقامت أناملي بترجمته علي ورقة العويذة، وعندها فككت عقدة لساني والتفت إلى المريضة لأقرأ بدوري تعابير وجهها رأيتها هادئة شبه مستسلمة وقد أنهت ثرثرتها وأسلوبها العدائي الذي بدأت به الجلسة وبدت لي مستسلمة فاستعادت عافيتها مجدداً وبشكل تدريجي بينما قامت والدة المريضة بتجليد التعويذة بعد لفها بقطعة قماش ثم علقتها حول عنقها، وهنا استيقظت المريضة تماماً ونهضت وراحت تتجول بالمكان أمام الجميع.

إقرأ الجزء الثاني في التعويذة والسكين
 
تعقيب كمال غزال
يتبين مما ذكر أن د. سليمان المدني شخص حالة الفتاة المريضة على أنها حالة مس شيطاني وبناء عليه حضر نفسه لمواجهة القوة الشريرة القابعة التي تسكن نفس المريضة وتؤثر على عقلها ومشاعرها. واتخذ لذلك استراتيجية  تقوم على مبدأً " الريبة من قد يحتويه المجهول " ، فكتب كلمات غير مفهومة وأظهر قوة في نيته للمواجهة على أمل أن تنطلي الخدعة فترهب الشيطان المزعوم ليترك الفتاة وشأنها ، ويبدو أن الخطة نجحت وأرهبت الشيطان مما جعل الفتاة تتصرف على طبيعتها السابقة وتنهض من سريرها كأن شيئاً لم يحدث.

ونتساءل هنا : على أي اسس بنى د.سليمان المدني تشخيصه لحالة المس الشيطاني ؟ وما هي الحدود الفاصلة بين المرض النفسي والمس الشيطاني ؟ خصوصاً أن الأخير مبني على منظومة معتقدات وليس في المختبر أو في الدراسات النفسية. وما هو دور الطاقة الإيجابية التي تحارب الطاقة السلبية في هكذا حالات ؟ وهل نجاح العلاج (ربما المؤقت) يعني بالضرورة التوصل إلى فهم أفضل للحالة موضع الدراسة ؟ ولماذا نهمل في أحيان كثيرة الظروف النفسية التي مرت بها الفتاة والتي جعلتها على هذه الحالة ؟ أسئلة كثيرة وإجابات ربما لن تكون حاسمة أبداً.

إقرأ أيضاً ...
- التعويذة والسكين
- دراسة معاصرة لحالة مس شيطاني
- آنليز مايكل : ضحية المس الشيطاني أم العلاج الروحاني ؟!
- السيكوغرافيا : الكتابة التلقائية الباطنية
- طرد الأرواح الشريرة في الدين والمعتقد
- شيلتون : حالة مس وعلاج بالتنويم الإيحائي

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ